المادة    
  1. مما يجب على شباب ودعاة الإسلام في هذه المواجهة

    ويهمنا أن نتعرض إلى ما يجب علينا نحن شباب الإسلام، ودعاة الإسلام في هذه المرحلة:-
    أول ما يجب علينا -وقد رأينا أثره في كل الأحداث- هو الاستقامة على ما كان عليه رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وأصحابه، هذا الذي به تنتصر الفرقة الناجية والطائفة المنصورة، وهي سفينة نوح من ركبها نجا ومن تركها غرق، وهي ما كان عليه النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وأصحابه اعتقاداً -وهو أهم شيء- وقولاً وعملاً، وإقامة لأحكام الله سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى في كل شيء، والتحاكم إلى رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وإلى سنته وشرعه في كل أمر: ((فَلا وَرَبِّكَ لا يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لا يَجِدُوا فِي أَنْفُسِهِمْ حَرَجاً مِمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُوا تَسْلِيماً))[النساء:65].
    ومن أخطر أعداء الصحوة واليقظة الإسلامية -شعر أو لم يشعر- هو الذي يريد أن نلتزم منهجاً غير منهج أهل السنة والجماعة وغير منهج السلف الصالح وغير منهج ما كان عليه النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وأصحابه، هؤلاء يجب أن نحذرهم بالأساليب المتنوعة بحسب ما نعلم من مقاصدهم وأغراضهم، ولكن في الجملة يجب ألا نستمع لهم أبداً مهما زينوا ومهما زخرفوا، لأنهم بهذا العمل سيفقدوننا.
    والحقيقة -ونعيدها هنا- أن المعارك السابقة كانت معركة غالب ومغلوب، منتصر ومهزوم، إلا المعركة الحالية فهي معركة وجود أو لا وجود، ومن هنا فالاستماتة فيها لا بد أن تكون نهائية، وليس غريباً ولا خفياً ولا سراً أن تعلموا أن الغرب يخطط بجد وبوضوح للتدخل في الوقت الذي يراه ضرورياً لاحتلال أي بقعة من العالم الإسلامي، لا سيما ما كان مجاوراً لدولة اليهود، وأكثر من (250 ألف) جندي أمريكي يتدربون على حرب الصحراء.
    وقد ذكروا وأعلنوا أن الإنزال الذي تم في بنما إنما هو بروفة لأي إنزال عسكري سريع في أي بقعة من العالم، فالمعركة جدية، ولن ننتصر فيها إلا بالاعتصام بحبل الله سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى والتمسك بهذا الهدى، وهذا يقودنا إلى النتيجة الثانية.
  2. حقيقة الحرب مع الغرب

    وهي أن المعركة ليست معركةً مع دولة، أو جماعة، أو حزب، أو أشخاص، بل المعركة مع الأمة الإسلامية بكاملها، ولذلك يجب علينا أن نبعث الأمة الإسلامية بأكملها، ولو استيقظت الأمة فلن يقف في وجهها -ولله الحمد- أي قوة من القوى.
    وإن مما أفزع الغرب وجعله يعيد النظر في حساباته هو مظاهر الصحوة واليقظة التي أخذت طابعاً شعبياً وجماهيرياً، -وكما يقولون- أقظّت مضاجعهم، فالدعوة الإسلامية في الجزائر عندما أخرجت مئات الألوف من النساء والرجال يطالبون بحكم الله، وبتحكيم كتاب الله وسنة رسوله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، ولو أتيح للبلاد الأخرى مثل ما أتيح في الجزائر لكانت المطالبة مثلها أو أشد.
    إذاً: هذه قضية أساسية، يجب أن نوظف ونجند الأمة كلها، ويجب أن نخرج من القوانين الجامدة والتقوقع والنظر الضيق إلى مرحلة يواجهنا فيها الأعداء مواجهة شاملة عامة.
    فيجب على كل دعاة الإسلام أن يلتفوا أولاً: حول المنهج -كما قلنا - في الفقرة الأولى.
    وثانياً: أن تكون لهم جهودٌ موحدة، وأن يقدروا الموقف حق قدره، وألا يضيعوا هذه الفرصة ما دامت الأمة؛والحمد لله عروقاً تنبض، ومادام عندها هذا الاستعداد لأن تستثار، ولتوظيف الحماس والاندفاع في الأمة وفق المنهج العلمي الصحيح.
  3. انشغالنا بالخلافات الداخلية بسبب أغراض شخصية

    وهنا نعود إلى قضية العلم الذي ذكرناها فيما مضى.
    أليس من المؤسف جداً أننا ما نزال -نحن دعاة الإسلام- نختلف حول قضايا الأسماء والصفات؟
    وحول القرآن هل هو مخلوق أو غير مخلوق؟
    سبحان الله قضايا انتهي منها!! وقضايا إجماعية لا تحتمل النقاش، فيها اتباع أو ابتداع، ولا تحتمل نقاشاً ولا جدلاً، ومع ذلك ما نزال نسمع من بعض الدعاة من يدافع عن التأويل، ويدافع عن التفويض لأنها عقيدة شيخه أو إمامه أو طائفته، سبحان الله..!!
    فيجب أن نترفع عن مستوى هذه الخلافات، وأن نعد لمواجهة شاملة وعامة، ولن ينصرنا الله سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى فيها إلا بعودة صادقة إلى ما كان عليه السلف الصالح في الإيمان، والاعتقاد، والعبادة، وفي حب الشهادة في سبيل الله؛ وترك وكراهية الدنيا إذا أغرتنا الدنيا وأغفلتنا عما يقربنا إلى الله سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى.
    ولذلك فالعلم الشرعي مطلوب، ولن يقود الدعوة في مرحلتها المعاصرة إلا علماء ربانيون، أما قيادات المحترفين بالسياسة فقد انتهى دورهم، والأمة لن تسلم لهم الراية.
  4. الخطر القادم هو احتواء الصحوة الإسلامية

    الأمر الرابع: أن نحذر الفخ الجديد الذي ينصب الآن لاحتواء الصحوة الإسلامية، ويجب أن نقول ذلك، ولقد تعرضت في محاضرة سابقة كان عنوانها العلمانية في طورها الجديد لهذا الاتجاه ولخطره.
    ففهمت على أننا نتعرض لبعض الدعاة، سبحان الله!! يا قوم! أنتم في وادٍ ونحن في وادٍ، والمسألة أكبر من أن فلاناً ذكر فلاناً أو علاناً والمسألة أكبر من أشخاصنا جميعاً، والمسألة أن فخاً كبيراً ينصب فيه شراك وتوضع لاحتواء هؤلاء الشباب، وليست المسألة دفاعاً عن فلان ولماذا يذكر فلان؟!
    وأضرب مثالاً للكلام على الأشخاص: الأستاذ محمد قطب حفظه الله وجزاه الله خيراً على ما كتب، وقدم، وعلى جهده وبذله، أُلف كتاب في الرد عليه وسمي باسمه الصريح في أكثر من مائة موضع، وطبع بآلاف النسخ، ولم يتكلم أحد ويقول: لماذا يتكلم في الدعاة؟
    فلما أحرجنا أن نسمي بعض من ينطبق عليه هذه الأوصاف وذكرنا منهم فلاناً وفلاناً والله المستعان.
    ومع ذلك فنحن نعاهد الله على ما بايع النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أصحابه عليه؛ بأن نقول كلمة الحق ولا نخاف في الله لومة لائم، ونعوذ بالله أن يكون لنا في ذلك حظ أو مطمع شخصي كائناً من كان، نقول: هذا الفخ الجديد ينسج بأيدٍ بعضها أيدي دعاة يشعرون أو لا يشعرون، وبعضها بأيدي مجرمين وهم الأساس، والمهم أن الغاية والهدف من ذلك هو أن تضيع هذه الصحوة، ويتشتت طريقها وتضل سبيلها.
    ولذلك من يشارك الأعداء في هذا الهدف -بغض النظر عن نيته وهدفه- يجب أن نقول: أخطأت، ويجب أن نقول: لا، ولن نوافقك على هذا، لأننا الآن في مرحلة؛ اليوم الواحد فيها يجب ألا نضيعه، بل ولا دقيقة واحدة، إن الزمن يتسارع ويتقارب والأحداث تتلاحق، ومن العبث أن نضيع أوقاتنا في أن فلاناً تكلم في فلان أو أن فلاناً ذكر فلاناً فالمسألة أكبر من ذلك.